هاني خاشقجي
بات من المؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين عازمة على الارتقاء بقطاع العقار، وتعزيز مساره، وتطوير أدواته، ليكون أحد القطاعات الداعمة لمسيرة الاقتصاد الوطني، وفق مستهدفات رؤية 2030، ولعل ما شهده القطاع خلال الأسابيع الأخيرة، من تفعيل إجراءات وسن أنظمة جديدة، يعكس حجم اهتمام ولاة الأمر بهذا القطاع، ورغبتهم الجادة في إعادة صياغة مرتكزاته والوصول به إلى أبعد نقطة من التطور والازدهار.
آلية تطوير قطاع العقار بوتيرة سريعة، تشير إلى حجم الآمال المنتظرة منه، هذه الآلية بدأها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، قبل فترة، بتفعيل خمسة إجراءات من شأنها معالجة أسباب ارتفاع منتجات العقار في العاصمة الرياض، وبعد ذلك بأيام، جاء توجيه سموه بتمديد فترة الدراسة التنظيمية للعلاقة بين المالك والمستأجر لـ90 يوماً إضافية، وتوج مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، برئاسة سموه، مشهد الاهتمام بالقطاع بموافقته على نظام تملك غير السعوديين للعقار.
ويمكن التأكيد على أن التوجيهات الخمسة التي أصدرها سمو ولي العهد، بجانب توجيهه بتمديد فترة الدراسة التنظيمية للعلاقة بين المالك والمستأجر، تندرج ضمن برامج تنظيم القطاع من الداخل، وتأهيله لطرح منتجات عقارية بأسعار مناسبة، سواء للبيع أو التأجير، وفق أطر وتشريعات أكثر تنظيماً، فيما تأتي الموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار، لتغير شكل القطاع، وتضعه على أعتاب مرحلة جديدة، ستشهد المزيد من الإنجازات النوعية، يأتي في مقدمتها، تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، للإسهام في رفع المعروض العقاري، من خلال استقطاب المستثمرين وشركات التطوير العقاري إلى السوق السعودي.
نظام تملك غير السعوديين للعقار، من شأنه تنمية القطاع، وجذب المزيد من الاستثمارات السعودية والأجنبية إليه، للبدء في مشاريع عقارية ضخمة، توفر منتجات عقارية متنوعة، بين السكني والتجاري والإداري، ترضي جميع الأذواق والطموحات، ليس هذا فحسب، وإنما ستكون هناك منافسة بين المطورين العقاريين الذين عليهم أن يبتكروا منتجات عقارية ذات جودة عالية، وسعر مناسب، لجذب فئة غير السعوديين إليها، وتشجيعهم على شراء منتجات عقارية، بهدف الاستثمار فيها، وهو ما يُبقي على أموال غير السعوديين داخل المملكة، وعدم تسربها إلى الخارج.
أستطيع أن أؤكد أن نظام تملك غير السعوديين للعقار، جاء متأنيًا بهدف دراسة القرار وتأثيراته من جميع النواحي، والتوصل إلى آلية تحدد شروط ومناطق تملك غير السعوديين للعقار، وتتوج الهيئة العامة للعقار هذه الآلية بطرح اللائحة التنفيذية للنظام على منصة «استطلاع» خلال 180 يوماً، حيثُ سيكون نافذاً في يناير من العام المقبل.
وختاماً، أرى أن النظام المحدث، سيراعي مصالح المواطنين من خلال وجود آليات تضمن ضبط السوق والامتثال للإجراءات المحددة الساعية إلى تحقيق التوازن العقاري، مع مراعاة جميع الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، حيث سيُتاح التملُّك في نطاقات جغرافية محددة خصوصاً في مدينتي الرياض وجدة، ووفق اشتراطات خاصة للتملك في مكة والمدينة، وهو ما يعزز نجاحات النظام الجديد، ويزيد من تأثيراته الإيجابية.
